بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين الى يوم الدين
أما بعد
إخواني وأخواتي الأعزاء الأكارم في هذا المنتدى الجميل الذي يجمع الأسرة الشلفية الجميلة أمازيغها وعربها وأتراكها السلام عليكم
يقول الشاعر : لسنا وإن انسابنا شرفت *** يوما على الأنـــسـاب نتكلُ
نبني كما كانت أسلافــنا *** تبني ونعمل مثلـــما عملـوا
وقال آخر : يا أخي في الهند أو في المغرب *** أنا منك أنت مني أنت بي
لا تسـل عـن عنصري أو نســبي *** إنــه الإســلام أمــي وأبي
أردت من خلال هذه الأبيات الشعرية أن أوجه رسالة مهمة وهي أن النسب لا يغني من الله شيئا فنحن عنده سواء سواء قد تكون يا من تفاخر بنسبك الشريف الموصول الى سيد الخلق محمد رسول الله جسرا يعبره غيرك من الذين ليس لهم نسب شريف مثل نسبك فيدخل هو الجنة خالدا فيها وتهوي أنت أيها الجسر الى نار جهنم وبئس المصير نحن كلنا ننتسب إلى الإسلام، وهذا النسب هو الذي شرفنا الله - تبارك وتعالى- به وسمانا به . ورسولنا - صلى الله عليه وسلم - هو إمام الدعاة. إذن فنحن كلنا من نسبه صلى الله عليه وسلم.
أتعرفون مالواجب عمله إنتم الذين من نسله الشريف؟ أنا أقول لكم : لا شيء سوى أن نقتدي به: قال ذو النون المصري: من علامات المحب لله عز وجل متابعة حبيب الله صلى الله عليه وسلم في أخلاقه وأفعاله وأوامره وسننه، وأنا أورد هنا بعض صفاته التي اكتسبناها من سيرته وننبه على التحلي بها وذلك بغاية الاختصار.
1 - كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نقي الثوب.
إن النظافة من الإيمان فالمسلم يجب عليه أن يكون نظيف الثياب والأعضاء، إذ الوضوء فرض والغسل فرض، وقد قال تعالى لرسول الله: {وَثِيَابَكَ فَطَهّرْ} (المدثر: 4)، هذا ما يأمرنا به ديننا وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعتني بنظافة الظاهر كما يعتني بنظافة الباطن ويحث على استعمال السواك وطهارة الفم والأسنان ويتطيب ويمشط شعر رأسه ولحيته ويَقُمُّ بيته بنفسه أي يكنسه، والناس يستنكفون من مباشرة نظافة البيت، فتأمل.
2 - لا يقول هُجرا ولا ينطق هذرا.
وما أكثر قول الهجر والهذر عندنا، وما أكثر الماجنين والسبابين، فهلا اقتدينا برسول الله وتأدبنا بأدبه في الكتابة والقول وجانبنا الهجر والسب واللعن.
3 - لا يقطع على أحد حديثه.
فانظر أيها المسلم إلى هذا الأدب والحلم وسعة العقل، فكثرة الكلام وقطع الحديث على المتكلم والهذر والمزاح البارد والغيبة والنميمة والمراء ليس من خلق الإسلام ولا من المروءة.
4 - يتفقد أصحابه ويسأل عنهم.
لا فرق في ذلك بين كبير وصغير غني وفقير، لكن الناس يخصون الأغنياء بالسؤال عنهم، ويتكبّر الأغنياء على الفقراء ويتعاظمون عليهم ويرون أنهم من طينة غير طينتهم، ومن هذا نشأت العداوة والبغضاء وتفككت روابط الأسر والأمة، وقد كان رسول الله مؤلفا للقلوب فيصل من قطعه ويعطي من حرمه ويعفو عمن ظلمه ويصبر للغريب على الجفوة في المنطق والمسألة ويعود المريض ويشهد الجنائز.
5 - إذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس.
أين هذا الخلق الكريم المتواضع من الذين دأبهم التصدر في المجالس بحق وبغير حق وسواء كان المجلس خاليا أم مكتظا، إن الناس يظنون أن التواضع ضعة وضعف لكن في التواضع رفعة، ولن يسود إنسان بالفظاظة والغلظة.
6 - كان أسخى الناس كفا.
وإنا نذكِّر الناس أن البخيل ممقوت وقد قال بعضهم: إن البخل من سوء ظن المرء بالله، ولا نعلم أن بخيلا أحبه الناس واحترموه:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم ** فطالما استعبد الإنسان إحسان
7 - لم يُرَ قط مادا رجليه بين أصحابه.
لكنا الآن نفعل كل ما يخالف الآداب بلا اكتراث ظنا منا أن ذلك من الحرية، لكن الحرية في المجتمع لا تكون من طرف واحد، بل يجب مراعاة إحساس الأصدقاء والناس، فالأولاد يجب عليهم التأدب في حضرة آبائهم ومعلميهم وأقرانهم كما أنه على الآخرين مراعاة الأدب معهم للاقتداء بهم ومحبتهم.
8 - كان يخدم نفسه.
ومن ذلك أنه كان يخصف نعله ويرفع ثوبه ويحمل حاجته ويكنس بيته ويحلب الشاة، وهذا اعتماد على النفس فليؤد كل عمله غير معتمد على غيره ولا مستنكف من العمل مهما كان، وإذا كان رسول الله - وهو سيد الخلق والمسلمون أطوع إليه من بنانه - يكنس بيته بنفسه فهل يستنكف أحد منا مزاولة أي شأن من شؤون الحياة وهل تستنكف سيدة البيت أن تخدم نفسها وزوجها وأولادها ظنا منها أن ذلك مما لا يليق بها لغناها وترفها وحسن هندامها إن الاعتماد على النفس هو القوة والبطولة والرقي والاستقلال.
9 - قال صلى الله عليه وسلم «إذا عمل أحدكم عملا فليتقنه».
لما سُوِّيَ جدث ابنه إبراهيم رأى حجرا في جانب الجدث فجعل يسويه بأصبعه ويقول: «إذا عمل أحدكم عملا فليتقنه فإنه مما يسلي نفس المصاب».
الإتقان أيها المسلمون الإتقان، فلا تستهينوا بالأعمال ولا يستصغرنَّ أحدكم أمرا مهما قلَّ شأنه، فالعلم يحتاج إلى الإتقان والصناعة تحتاج إلى الإتقان والتجارة تحتاج إلى الإتقان، والنظام الذي هو أساس الحضارة والعمران ما هو إلا الإتقان؟ وما سوى ذلك فهو إهمال وتقصير يؤديان إلى الانحطاط والارتباك والخراب.
10 - كان رسول الله يستشير أصحابه.
قال تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِى الاْمْرِ} (آل عمران: 159)، إن الله سبحانه وتعالى أمر رسوله وهو سيد الخلق وأرجح الناس عقلا وأغزرهم علما وأسدهم رأيا أن يستشير أصحابه ولا ينفرد برأيه، قال الضحاك: «أمره بمشاورتهم لما علم فيها من الفضل»، وقال الحسن البصري: «أمره بمشاورتهم ليستن به المسلمون ويتبعه فيها المؤمنون وإن كان عن مشورتهم غنيا».
فالاستبداد بالرأي مناف للإسلام كما رأيت وهو من علامات الكبر والغطرسة وليس في الاستشارة أي ضعف بل إنها دليل على العقل وبعد النظر والرغبة في الإصلاح والإسلام من مبدئه يقدر فوائد الاستشارة ويعمل بها.
11 - الثبات على المبدأ.
إن من تصفح سيرة الرسول يتضح له أنه صلى الله عليه وسلم لم يتحول عن مبدئه قيد أنملة واحتمل إيذاء المشركين بكل صبر ولم يذق للراحة طعما في سبيل نشر الدين ولم يقبل ما عرضته عليه قريش من ملك ومال وجاه، فما كانت نتيجة ثباته على المبدأ؟ كانت النتيجة أنه هزم المشركين وفتح بلادهم وهدم الأصنام ونشر الإسلام وتوفي بعد أن بلغ رسالات ربه بكل أمانة وبعد أن قام بالواجب عليه خير قيام فليعتبر المسلمون بينهم وليقتدوا به في جميع أمورهم ليفوزوا بنعيم الدارين.