و اقتصر تعليم الأطفال على المبادىء الأولى من قراءة و حساب و نشر الوطنية الفرنسية .قال لافيجري : -بينما كان الفلاحون يشتغلون في القرية كان اثنان من المبشرين يقومان بتعليم بعض الأطفال المساكين الذين إلتقطوهم .)و لم يكن من الضروري أن يتجاوز هذا التعليم مستوى معينا فرفض الأب الذي اعتنى بتربية (جان بن عيسى )أن يقدمه الى امتحان الشهادة الإبتدائية بدعوى أنه قد يتعلم أشياء كثيرة غير مفيدة و قد يؤدي به نجاحه الى التكبر و التطلع الى شيىءآخر غير الزراعة فيضطرب أمره .فالغرض من هذا التعليم إذن هو ربط هؤلاء الناس بالأرض و جعلهم مساعدين للمعمرين الفرنسيين .
و كان ذلك هو هدف لافيجري إذ كتب في إحدى رسائله Lهذا هو التأكيد الحل الأنسب للقضية الجزائرية الكبرى لأنه هو وحده الذي يجعل تحت تصرفنا هذه الآلاف من الأيادي العاملة من أجل الأعمال السلمية و قد كانت دائما مستعدة لتحمل السلاح ضدنا ).و قد لاحظ أحد مترجميه أن فكرته الأساسية هي إدماج الجزائر في فرنسا عن طريق المسيحية .
فشل لافيجري :
أراد لافيجري إنشاء قرى مسيحية و لكنه لم يتمكن من تطبيق مشروعه بسبب معارضة الإدارة و المستعمرين و الجزائريين المسلمين .
خشيت الإدارة الفرنسية ما قد ينتج عن سياسة التنصير الجنونية هذه و رفضت أنشاء مراكز أخرى لأن عجز الجيش عن حمايتها لم يسمح بذلك و لم يرض (ماك ماهون )بنشوب حرب صليبية في الجزائر و إن كان فد ساعد لافيجري في عملياته الأولى في وادي الشلف .و لكن أمام طموحه المفرط عدل عن مساعدته المالية سنة 1874.و الغى مجلس النواب هذه المساعدة من الميزاتية و قد بلغت 950ألف فرنك سابقا .
أيد المستعمرون لافيجري في أول الأمر ضد الحاكم العام (ماك ماهون )لأنهم كانوا يرغبون في إزالة الحكم العسكري و لكنهم عارضوا فيما بعد فكرته في إنشاء قرى مسيحية جديدة .و عبر الطبيب (فارنيه )عن رأيهم إذ من المساعدات المالية التي منحت لليتامى كان نائبهم في المجلس الوطني و اتهم لافيجري بأنه لم ينفق إلا جزءا قليلا .كما أنه وزع الأراضي على عدد قليل من الجزائريين المسيحيين و هم معزولون بين المسلمين .فاقترح الدكتور (فارنيه )على مجلس النواب أن يوزع المتنصرين بين الأسر الأوروبية ليكونوا في خدمة المعمرين .
أما المسلمون فقد أظهروا عداوتهم لمشروع التنصير منذ البداية احتج السيبد ابن علي الشريف على رسالة لافيجري المؤرخة بالسادس أفريل 1868 برسالة وجهها الى نائب الوالي العام فقال Lلقد قرأت رسالة الأسقف لافيجري و التي يقول فيها أنه يريد استبدال القرآن بالإنجيل من أجل إحياء الشعب العربي .لقد أثرت هذه الرسالة كثيرا في المسلمين .أننا نفضل موت جميع أولادنا على تنصيرهم ).و بعث 61من أعيان الجزائر برسالة الى نابليو ن الثالث عبروا فيها عن سخطهم ضد رسالة الأسقف لافيجري .