ومن العلماء الذين لعبوا دورا في الجهاد ضد الإسبان والذين كانوا محل احترام العثمانيين محمد بن علي المجاجي المعروف بأبهلول، وقد ترجم لهذا العالم الصالح أبو حامد العربي المشرفي في كتابه ياقوتة النسب الوهاجة، كما ترجم له آخرون[1]، وبناء على المشرفي فإن المجاجي كان من أهل القرن الحادي عشر، وأنه كان شريفا أندلسي الأصل، تقيا سخيا كما أخبر أن الأتراك كانوا يعظمون أسلافه، وقد حارب أحفاده أيضا الفرنسيين في صفوف الأمير عبد القادر، وكان المجاجي شاعرا أيضا، كما أن زاويته كانت مركزا للمجاهدين في سبيل الله، وقد نقل المشرفي أن حوالي ألف وثلاثمائة مجاهد خرجوا ذات مرة لقتال الكفار بثغر تنس، وكانوا جياعا فمروا بزاوية المجاجي فأطعمهم جميعا ( حتى شبعوا من الرغائف والثريد والزبدة والعسل وجاء بقصعة الزاوية وفيها ثلاثون نوعا من الطعام واللحم ) وقد مات المجاجي موتة غامضة، غير أن أتباعه ينعتونه بالشهيد، ويسمونه بسفيان العابدين ووصفه تلميذه سعيد قدورة بأنه كان عالما بالنحو والفقه وبالتوحيد والمنطق[2].
ويهمنا من قصة المجاجي كون زاويته كانت مركزا للمجاهدين ضد الكفار، وكون العثمانيين كانوا يعظمونه ويعظمون سلفه، وكون هذا التقليد ـ قتال الأعداء ـ قد استمر فيهم حتى زمن الفرنسيين، وكثير من العلماء كانوا مجاهدين إما بطريقة غير مباشرة كما كان المجاجي، أو بطريقة مباشرة كما فعل مصطفى الرماصي وأمثاله.
عن كتاب " تاريخ الجزائر الثقافي "لأبي القاسم سعد الله الجزء الأول صفحة 202
----------------------
[1] منهم محمد بن أحمد المغراوي في كتابه " تمييز الأنساب " وكذلك صاحب كتاب سمط اللآل في معرفة الآل" و"كمال البغية"
[2] أبو حامد المشرفي " ياقوتة النسب الوهاجة " مخطوط مصور شخصي 132 ، 140، 146 ، 149 ، 156.