مليانة (1) :
مدينة في أحواز أشير من أرض المغرب بين تنس والمسيلة وبقرب نهر شلف، وهي مدينة رومية فيها آثار، وهي ذات أشجار وأنهار تطحن عليها الأرحاء، جددها
زيري بن مناد وأسكنها ابنه
بلكين، وهي عامرة ومشرفة على جميع ذلك الفحص الذي فيه
بنو واريفن وغيرهم، وهي عامرة آهلة، ولها آبار عذبة وسوق جامعة.
وبقعتها كريمة (2) ومزارعها خصيبة، ونهرها يسقي أكثر مزارعها وجناتها، ولها أرحاء على نهرها، ولأقاليمها حظ من سقي شلف، وعلى ثلاثة أميال (3) منها جبل وانشريس (4) .
وعلى مليانة لقي
أبو بكر ابن الصابوني الشاعر (5) السلطان
أبا زكريا ملك إفريقية، كان هاجر إليه من الأندلس وركب البحر، وخرج في ساحل الغرب الأوسط، ولقي عسكر السلطان على مليانة فنظم قصيدة وتعرض بها في جهة خيام خدام السلطنة، فمن العجائب أن لحظه السلطان بعينه فقال للحاجب:
"إن صدق ظني فذاك الشخص الذي من صفته كذا الناظر إلى جهتنا هو ابن الصابوني الشاعر، فسر إليه برفق واسأله، فإن كان هو ومعه قصيدة فيحضر بها وينشدها" فكان الأمر على ما قدر السلطان، وحضر وأنشد قصيدة أولها:
الله جارك في حل ومرتحل ... يا معلياً ملة الإسلام في الملل
فسرت والسعد يدعوني وينشدني ... إن السعادة في مليانة فمل
فلما أتمها أمر بإنزاله، وأنعم عليه بخمسمائة دينار، وصحب العسكر إلى حضرة تونس.
الهوامش:(1) البكري: 69، وقارن بالاستبصار: 171، وياقوت (مليانة)، وآثار البلاد: 273، ورحلة العبدري: 24.
(2) الإدريسي (د/ ب): 84/ 85.
(3) الإدريسي: أيام.
(4) ص ع: وانشراس.
(5) اختصار القدح: 69، والمغرب 1: 23، والوافي 2: 9، والفوات 2: 209، وقد أورد ابن سعيد هذه القصة ملخصة.
المصدر:كتاب "
الروض المعطار في خبر الأقطار" لمؤلفه أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد المنعم الحميري المتوفى سنة 900 هـ تحقيق احسان عباس طبعة مؤسسة ناصر للثقافة - بيروت - طبع على مطابع دار السراج، الطبعة الثانية سنة 1980م صفحة 547